مما جاء في رد الصديق الاستاذ الفرحان بوعزة حول قصتي
البحث عن أبي المنشورة بمنتدى من المحيط إلى المحيط بتاريخ 27 ـ 04 ـ 2011:
الأخ الفاضل عبد العالي أواب .. تحية طيبة ..
عمد السارد إلى التأشير على زمن القصة ،وهو يوم الجمعة الذي يصادف السوق الأسبوعي .. إنه زمن يختلف عن بقية الأيام الأخرى .. استطاع السارد أن يرسم لنا فضاء يعج بالحيوية والحركة ، رغم الظلمة الحالكة .. فحركة الذهاب إلى السوق عادة ما تكون عادية ومألوفة .. لكن السارد اختار زمناً صعباً عايشه طفل صغير بحواسه وذاكرته القوية .. فالسارد الطفل كان على وعي بما يجري أمامه تحت الظلمة ./ كل يلغي بلغوه، كلام ووشوشات، شهيق و نهيق،أصوات و أصوات / ..له خبرة البدوي الصغير بكل ما يتعلق بالحياة البدوية مستعملا كل حواسه / العين / الأذن / السمع /.. يدقق في الأشياء / حمار أسود / مائل إلى الزرقة / نهيق الحمار / خوار العجل / قرونه الحادة / .... فالسارد له ذاكرة قوية في التقاط أدق التفاصيل معتمداً في ذلك على مخزونه الثقافي وتجربته واحتكاكه بكل ما يتعلق بحياة البادية .. فرغم المسافة الزمنية التي تفصله بين زمن الأحداث(الماضي ) وزمن الكتابة ( الحاضر ) نحس بصدق وأمانه في نقل الأحداث ، فاستطاع أن ينقلنا بفنية إلى موقع الأحداث / السوق / بكل مكوناته ، من طقوس وعادات ..
وصلنا السوق ولم يهلل بعد مهلل/ واضعا نصب عيني جلبابين من صوف، الفوقي أسود و التحتي لا يرى منه سوى مخروط أبيض ناصع، تارة أمسك بأطراف الجلباب وأخرى ينفلت مني......./
تعبير جميل فيه رمزية عالية ، فالمآذن ساكنة وهادئة قبل الفجر ، ولم يحن بعد زمن الفجر .. جملة حسمت بجمالية معيار الزمن ، زمن المداولات والمشاوارات .. والحفاظ على القيم الموروثة ..
أعتقد أن استنفاراً يخيم على جسد النص ... استنفار الأب وصراعه مع الثور اللعين ، واستنفار الطفل مخافة أن ينفلت منه أبوه ، وسط الزحام والظلام .. أعتبر أن هذا الحدث هو من مقومات الطفولة البدوية التي تعلم الاعتماد على النفس في سن مبكرة ،من أجل رجولة مبكرة توازي الحياة البدوية ..
كبتت كل ما يشتهي هذا الطفل في / جملة سردية جيدة التركيب ، تنم عن صراع داخلي بين رغبة الطفل الصامت القاتل لشهواته ورغباته ، ورغبة الطفل الآخر المتفجر المحطم لكل العلامات الحمراء من أجل تحقيق شهواته.. فهو مستعد لتكسير صمت الأب المفترض .. عن طريق الصراخ والثورة والاحتجاج ..
يا لها من صدمة : صدمة الطفل ،وصدمة القارئ .. فالنص جرنا بسلاسته ،ونحن نلهث وراء الحكي الجميل ، واللغة المشوق البليغة ، ولما نصل إلى الجملة السردية / رد عليه أبي: عذرا سيدي لم أحضر معي الطفل إلى السوق، / تتقطع أنفاسنا ، إنها خيبة مني بها الطفل الصغير رغم محاولاته الذاتية والفردية ..
أخي، نص جميل بكل المقاييس الأدبية والفنية ،وجدت فيه نفسي ،دخلته منتشياً لأنه لامس جوارحي وخواطري وذاكرتي ، وخرجت منه حزيناً متعاطفاً مع الطفل المسكين ..
كتبت فأجدت ،وأبدعت فأحسنت أخي عبد العالي ..
مودتي الخالصة ..
الفرحان بوعزة ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق